قول الحقيقة (الباريسيا parrhesia).

قول الحقيقة (الباريسيا parrhesia).
أماني أبو رحمة.
يقارب فوكو مشكلة الديمقراطية من خلال مصطلح قول الحقيقة (parrhesia). كيف لذات من المجموعة أن يقف هناك، ويأخذ على عاتقة خطر قول الحقيقة فيما يتعلق بشأن من شؤون المدينة. وبوصفه محللا للديمقراطية، يلتقط فوكو هذه الثيمة الكلاسيكية من استاذه نيتشه: ثيمة قيمة الحقيقة، وإرادة الحقيقة، أو من "الذي" يريد الحقيقة.
العلاقة بين الحقيقة والذات لم تعد كما رسمها في عمله المبكر عن السلطة، وبالتحديد لم تعد في التساؤل عن الممارسات وأنواع الخطابات التي تحاول السلطة من خلالها قول الحقيقة حول المجانين، أو الجانحين، أو السجناء، أو كيف تشكل السلطة "االذات المتحدث العامل الحي" بوصفه كائن المعرفة؟
تحول المنظور منذ أواخر السبعينيات فصاعدا وأصبحت الصيغة الآن: "ما هو نوع خطاب الحقيقة الذي يكون الذات عرضة له و قادر على تطبيقه على نفسه؟ "
يستحضر الاستجواب الذي يخترق محاضراته حول (الديمقراطية اليونانية ) سؤالا نيتشويا بامتياز، يتعلق حقيقة بالواقع الذي نعيشه : ما الذي يعنيه "قول الحقيقة" بعد موت الاله (وفقا لنيتشه)؟ وعلى عكس ما ادعى دوستويفسكي، فان المشكلة ليست ما إذا أصبح كل شيء مسموح، ولكن إذا كان كل شيئ غير صحيح، كيف ينبغي لنا أن نعيش؟ وإذا كان الاهتمام بالحقيقة يتمثل في تحويلها باستمرار إلى مشكلة، ثم ما نوع الحياة، وأي السلطات، وأي شكل من المعرفة والممارسات الخطابية يمكن للحقيقة (ثم للذات) أن تعتمد عليها؟
اليوم ، فإن رد الرأسمالية على هذا السؤال هو دستور "حياة السوق "، حيث كل شخص يمكن له شراء الوجود الذي يناسبه. لم تعد المدارس الفلسفية، كما هو الحال في اليونان القديمة، ولا الدين، ولا المشاريع الثورية، كما هو الحال في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر هي التي تقترح صيغ الوجود وصيغ الاخضاع او تكوين الذوات subjectivation، ولكن الشركات، ووسائل الإعلام، وصناعة الثقافة، ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، ودولة الرفاة، ووكالات التأمين وغيرها.

في الرأسمالية المعاصرة، يرتبط حكم عدم المساواة بشكل صارم بالإنتاج وإدارة وسائل تكوين الذات. تعمل "الشرطة" المعاصرة من خلال تقسيم وتوزيع الأدوار وتكليف وظائف لقيادة شكل من أشكال الحياة: يشير كل ايراد، وكل مهمة، وكل مرتب، وكل رتبة الى "روح"، بمعنى الى طريقة في السلوك والكلام، ويصف ويتضمن ممارسات بعينها. الليبرالية الجديدة هي، في الوقت ذاته، تأسيس تسلسل هرمي على أساس المال، والجدارة، والتراث، و"سوق حيوات " حقيقي حيث الشركات والدولة هي التي تصف لنا السلوك الذي ينبغي علينا اتباعه (كيف نأكل، أين يعيش، ماذا نلبس، كيف نحب، كيف نتكلم.......).

تعليقات

المشاركات الشائعة