الذات

الذات .
أماني أبو رحمة.
على الرغم من مركزيتها الوجودية والمعرفية والأدبيات الواسعة حولها، الا أننا  لم تتفق بعد على تعريف "الذات". يميل معظم الباحثين إلى تجنب المسألة "التي لا جواب لها"؛ ما هي الذات؟ وتستند مقاربات الذات على التفاهمات الضمنية بشكل أكبر من التوصيفات الواضحة. وكما هو الحال مع مفهوم الوعي، فإن الذات تفهرس بين تلك المفاهيم التي لم تكن واضحة أو احادية الجانب أو مباشرة قط. اعتبر الرواد في دراسة الذات أن تجربة الفرد تجري في العقل ولكن تطوير الذات فقط هو ما يجعل المرء يدرك أن التجربة هي خاصته بمفرده. وفي الآونة الأخيرة تم مفهمة الذات إما بوصفها موضعا لمكان حيث يدرك الشخص العالم ويتفاعل معه. أو بمعنى صنع الذات "selving"، بوصفها عملية ديناميكية وجمعية. ترتكز تعاريف أخرى على فكرة الخصائص (قابليتها للتقسيم والتشظي، قابليتها للانتشار عبر الحدود،...) أو على اكتشاف المعايير العملية لـ "كشف" وجود الذات (الوعي الانعكاسي، الكينونة البين ذاتية، الوظيفة التنفيذية). ولفهم ما تؤدي إليه هذه التصورات المختلفة، فلا بد لنا من التعرف على المشاكل التي تواجه المنظرين عندما يقاربون هذا الموضوع:
1.    تعقيد الذات باعتبارها جوهر النفس البشرية والسلوك الاجتماعي.
2.    صعوبة قياس الذات لأنها تفتقر إلى المادية (على الرغم من التجارب الغريبة التي حاولت تحديد وزنها)، فهي غير مرئية وداخلية ( "الذات الحقيقية" استدلال فقط ).
3.    ضرورة الترسيم المفاهيمي لأن مفردة الذات تأتي في كثير من الأحيان مرادفا للحديث عن الوعي، والشخصية، والنفسية، وخصوصا مع الهوية (في هذا الصدد يتفق معظم المؤلفين أن الهوية هي مجموعة فرعية من الذات).
4.    تضخم المصطلحات والـ"تشريح" التحليلي للذات: مفهوم الذات، تقدير الذات،العرض الذاتي، والوعي الذاتي، الهوية الذاتية، معرفة الذات، الخ ) والطرق العديدة التي تفهم بها الذات، بدءا من ما يمكن أن نسميه النهج "الغنائي lyrical" مثل الوجودية، والظاهراتية، والإنسانية التي تشدد على تحول الذات، إلى المقاربات الـ "ملحمية" كوجهات نظر الدراسات السوسيولوجية والتفاعلات اليومية و"المقاربة الدراماتيكية "التي تركز على الصراعات الداخلية والتحليل النفسي أو على الذوات المتعددة سياقيا واجتماعيا.
5.    تحديات ثقافة ما بعد الحداثة (التكنولوجيا، والسفر، والاتصالات، والترابط الاجتماعي) التي تقضي على وحهات النظر الرومانسية الحداثية السابقة وتبدد الذات إلى عدد وافر من الأصوات وتحولها إلى خيال نحوي.
في ضوء كل ما سبق قد يتساءل المرء عما إذا لازالت هناك أسباب وجيهة بما يكفي للتحدث عن الذات؟


تعليقات

المشاركات الشائعة