الجينيالوجيا ومقاومة السلطة.

الجينيالوجيا ومقاومة السلطة.

أماني أبو رحمة.

الحقيقة هي أن فوكو قد قدم "تكتيكات عملية" لمقاومة السلطة على الرغم من أن أكثر ما يأخذه عليه نقاده هو ان مقاربته للسلطة كانت وصفية واقتصرت على توضيح استراتيجيات وآليات عملها دون تحديد سبل مقاومتها. الأمر الذي نفاه فوكو مرارا وطالب باعادة قرائته.

فمثلا، من خلال الجينيالوجيا، يريد فوكو أن يذهب أبعد من دراسة آثار تطبيع (جعله طبيعيا) الخطاب العلمي الرسمي والمعمم. انه يريد تسليط الضوء على الطرق التي يتم بها، من خلال آليات معينة للسلطة، تهميش بعض المعارف وتشريع البعض الآخر بوصفه حقيقة. وبهذه الطريقة يرى فوكو في الجينيالوجيا وسيلة لمكافحة آثار السلطة الناتجة من التطبيع العلمي. فاذا ما عرفنا استراتيجيتها في التطبيع، سيكون بمقدورنا مقاومتها سيما (من أسفل) حيث تنشأ كما يقول وحيث تكون أضعف. شراسة السلطة عادة في مركزها وهو أمر لا ينفيه فوكو. لذلك يقترح ضمن الجينيالوجيا مواجهة خطابها الذي ترسب في القاع بوصفه حقيقي وعلمي أيضا. وعلاوة على ذلك، ومن خلال طريقة الجينيالوجيا، يريد فوكو تجنب جعل التاريخ واضحا وجليا من خلال المبادئ التفسيرية للوحدة، والسبب الأصلي أو التكوين. بدلا من ذلك، نراه يبحث عن الوضوح في أسباب متعددة : مجموعة متنوعة من العلاقات، المفاضلة بين الحاجة للعلاقات المختلفة، والطارئ والمؤقت. وهذا يعني أن مهمة الجينيالوجيا هو إعادة بناء شبكة العلاقات التي نسجت حول حدث واحد. وبعبارة أخرى، تعيين مساحة طوبوغرافية لعلاقات السلطة المتعددة.