ما بعد البنيوية: تأطير الذوات.

ما بعد البنيوية: تأطير الذوات.
أماني أبو رحمة
ارتبط مصطلح ما بعد البنيوية بكتابات المنظرين الفرنسيين ميشيل فوكو وجاك دريدا ، وهو يشير إلى طريقة تفسير الذوات والمجتمع بطريقة تقطع مع الابستمولوجيات التقليدية السابقة . وفي السياق الذي بدأ فيه فوكو ودريدا نشر أعمالهما كان الفهم السائد للهياكل (المجتمع ، الذات ...) يعود للذات عن قصد . وكانت هذه الفكرة مؤثرة في العقل الغربي حيث اكتسبت عقلانيتها مع ظهور الفلسفة الديكارتية. ديكارت الذي جادل بأن الفرد العقلاني المستقل هو أساس كل من الأنطولوجيا (الوجود ) والابستمولوجيا (نظريات المعرفة). وبعبارة أخرى، فإن الأفراد الذين  يتمتعون بحرية الفكر هم الأسس التي تدرك العمل السياسي والأخلاقي. وبمصطلحات الفلسفة ، عرف هذا النهج بالأُسسية Foundationalism التي تعتمد على علة أولى لا تقبل التشكيك والبحث عن إثبات. وبتطبيق شكوكه المنهجية توصل ديكارت إلى ما أطلق عليه (الذات المفكرة المستقلة Autonomous Thinking Self) ونتيجة لذلك فإن كل البديهيات المميزة والواضحة عن تلك الذات تكون صحيحة بالضرورة . تتحدى ما بعد البنيوية هذا الافتراض. وتجادل بأن الأفراد ليسوا "مبتكرين " مستقلين لأنفسهم أو لمجتمعهم . هم بدلا من ذلك، جزء لا يتجزأ من شبكة معقدة من العلاقات الاجتماعية. هذه العلاقات بدورها تحدد أين يمكن أن يظهر أي فرد، وبأي صفة.
هذا الفرد ليس شيئا قبل السياسة أو الهياكل الاجتماعية، ولكنه يُشكل على وجه التحديد في ومن خلال ترتيبات اجتماعية سياسية معينة. تؤكد ما بعد البنيوية أن التركيز على الفرد بوصفه وكيلا مستقلا يجب أن "يفكك".

تحجب الأسسية الترتيبات التاريخية التي ولدت المظهر الخاص جدا للأفراد المستقلين. وفي حين أن نظريات (الحداثة) تفترض الذوات كمصدر للمعرفة والعمل، فإن ما بعد البنيوية تنظر اليهم بوصفهم آثار أو نتائج المنطق الاجتماعي والثقافي الخاص. والتحدي ، إذن، هو فهم الطرق التي أطرت الذوات ثم أخفتها في وقت واحد. كيف يمكن تحقيق ذلك، وما الغاية السياسية من ورائه؟ هذه بالضبط هي اشتغالات فوكو ودريدا وما بعد البنيوين عموما.

تعليقات

المشاركات الشائعة