النسويات المقاومات للجندر


النسويات المقاومات للجندر
أماني أبو رحمة
شقت نسوية اصلاح الجندر[الليبرالية والماركسية الاشتراكية تحديدا] طريقها الى الوعي الشعبي في سبعينيات القرن الماضي ودخلت النساء كل المجالات التي كانت حكرا على الرجال وأصبحن أكثر وعيا بالممارسات الذكورية التي لم يولينها اهتماما كافيا أثناء سعيهن لتحقيق المساواة الجندرية. تمر هذه "اللامساواة الدقيقة " في الحياة اليومية – غير ملحوظة، بل ويجري التغاضي عنها لأجل تحقيق مكاسب أكبر في وظائف مهمة وقيادية ــ مما ساعد على تبلورها في أنماط غادرة تهدد بنسف المكاسب التي حققتها النسويات السابقات في رحلة كفاحهن المضنية.
أدركت الشابات اللواتي يعملن في مجالات الحقوق المدنية وضد الحرب في فيتنام والناشطات في حركات الطلاب اليساريين الجدد في الولايات المتحدة في أواخر الستينيات أنهن لسن أكثر من خادمات وصانعات طعام لزملائهن الذكور. وعلى الرغم من خطاب الشباب الثائر الذي كان يندفع في وجه الحضارة الغربية في كثير من البلدان، إلا أنه حين يتعلق الأمر بالنساء، يتصرف الرجال كما لو أنهم في القرن الثامن عشر أو أبعد. ومن الوعي بأنه ليس للنساء مكان في أي تجمع ذكوري جاءت النسويات المقاومات للجندر في سبعينيات القرن العشرين: الحركة النسوية الراديكالية، والنسوية المثلية، ونسوية التحليل النفسي، ونسوية وجهة النظر أو الموقف النسوي.
النسوية الراديكالية
كانت بداية النسوية الراديكالية بمجموعات رفع الوعي التي أسستها شابات قياديات، حيث موضوعات النقاش هي حياة المرأة اليومية - الأعمال المنزلية، تلبية احتياجات الرجال العاطفية والجنسية، الدورة الشهرية، الحمل والولادة وانقطاع الطمث وما شابه. من هذه المناقشات جاءت نظرية عدم المساواة بين الجندرين التي تجاوزت التمييز إلى القمع، والسياسات الجندرية إلى مقاومة النظام الجندري المهيمن. كانت البطريركية هي الكلمة المفتاحية للراديكالية النسوية، أو القمع الكاسح للنساء من قبل الرجال واستغلالهن؛ القمع والاستغلال الذي يمكن العثور عليه أينما كان النساء والرجال على اتصال مع بعضهم البعض، في الأماكن الخاصة وكذلك في العامة. تقول النسوية الراديكالية إنه من الصعب اقتلاع النظام البطريركي لأن جذوره - الاعتقاد بأن النساء مختلفات وأدنى درجة - جزء لا يتجزأ من وعي معظم الرجال. والأفضل لمقاومته، كما يدعين، هو مساحات غير هرمية داعمة للنساء فقط حيث تستطيع النساء التفكير والتصرف والابداع متحررات من الاحباط والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب والعنف. عززت إمكانيات إنشاء مرافق الرعاية الصحية الموجهة للمرأة والمساكن الآمنة للنساء اللواتي يتعرضن للضرب وخدمات الاستشارة القانونية للناجيات من الاغتصاب وثقافة المرأة وحتى دين وأخلاقيات المرأة، التجمعات الأخوية النسائية والأساس العقلاني للفصل عن الرجال. وتشيد بالمقابل بما تقوم به النساء - التغذية والحنان والتعاون والمعاملة بالمثل والعناية بالأجسام والعقول والنفسيات. القيم الهامة، تقول النسويات الراديكاليات، هي الحميمية والإقناع والدفء والرعاية والمشاركة - الخصائص التي تطورها النساء في حياتهن و تجاربهن اليومية مع أطفالهن وأجسام أطفالهن ومع الاشتغلات المعيشية اليومية. يمكن للرجال تطوير هذه الخصائص أيضًا، إذا مارسوا "الأمومة"، ولكن نظرًا لأن القليل منهم يفعل ذلك، فإن هذه الخصائص أكثر انتشارا في النساء. تدعي الحركة النسوية الراديكالية أن معظم الرجال لديهم القدرة على استخدام العنف الجسدي ضد المرأة، بما في ذلك الاغتصاب والقتل. ويدللن بشيوع ظاهرة الاغتصاب وضرب الزوجات، وقتل الزوجات السابقات والصديقات. أما الجانب التجاري لكراهية النساء هذه فهو الطريقة التي يتم بها تصوير النساء كموضوعات جنسية في وسائل الإعلام وقطعة من اللحم في المواد الإباحية، والاستغلال العالمي للفتيات والشابات في الدعارة. والأكثر غدرا، كما يقلن، إن الاستغلال الجنسي هو الجانب السلبي من الحب الرومانسي الغيريي، وهو في حد ذاته ظالم نساء.
خطر العنف والاغتصاب، في رأي النسوية الراديكالية النظرية، هو الطريقة التي تسيطر بها البطريركية على جميع النساء. كانت ساحة المعركة السياسية للراديكاليات هي حماية ضحايا الاغتصاب والنساء المعنفات وإدانة المواد الإباحية والدعارة والتحرش الجنسي والإكراه الجنسي. وبما أن كل الرجال يستمدون قوتهم من وضعهم الاجتماعي المهيمن، فأي علاقة جنسية بين النساء والرجال في جوهرها غير متكافئة. موافقة النساء على علاقة جنسية دائما، وفق هذا التعريف، مفروضة فرضا ما لم يتم الاتفاق عليها صراحةً من قبل امرأة مستقلة تماما وواعية. أدت وجهة النظر هذه إلى التوسع في معايير الاغتصاب لحماية النساء والفتيات القاصرات حتى لو تم الأمر بموافقة ظاهرية أو مفترضة. كانت البدائل السياسية للنسوية الراديكالية – مجموعات رفع الوعي والمنظمات النسوية حصرا –أمرا حيويا لأن تحقق المرأة مساحة لـــ "التقاط الأنفاس" من أجل صياغة النظريات الهامة عن المساواة الجندرية، ولتطوير برامج الدراسات النسوية في الكليات والجامعات، ولتشكيل المجتمعات، وإنتاج المعرفة والثقافة والدين والأخلاق، والرعاية الصحية من وجهة نظر المرأة. لكنها غربت ونفرت العديد من النساء العاملات، لا سيما النساء من الجماعات العرقية المهمشة، الذين شعروا أن رجال مجتمعاتهن كانوا مثلهم في الظلم وأكثر من قبل المهيمنين. أدى نقد النسوية الراديكالية للغيرية الجنسية وتثمينها للأمومة إلى انشقاقات بين النسويات، والإساءة للواتي كن في علاقات جنسية غيرية أو اللواتي لا يردن انجاب الأطفال. كما أن مدحها للطاقات العاطفية للمرأة وقدرتها على توفير الرعاية للمرأة وادانتها للجنسانية العنيفة والعدوانية عند الرجل كان دليلا على منحاها الجوهري والحتمي: الاختلافات العميقة المتجذرة والمستعصية بين فئتين عالميتين من الناس. هذا التركيز على القمع الجنساني العالمي أدى إلى اتهامات أن الحركة النسوية الراديكالية تهمل الاختلافات الطبقية والعرقية والاجتماعية بين الرجال وبين النساء وبين الرجال والنساء، وأنها تقلل من أهمية مصادر أخرى للظلم. عن طريق تأليب النساء ضد الرجال، فإن النسوية الراديكالية تنفر النساء الملونات و نساء الطبقة العاملة، اللواتي يشعرن بالتمزق بين ولاءاتهن النسوية والعرقية والطبقية.
النسوية المثلية.
تأخذ النسوية المثلية النظرة التشاؤمية للنسوية الراديكالية عن الرجال إلى نتيجتها المنطقية. فإذا كانت العلاقات الغيرية في جوهرها استغلالية بسبب السلطة الاجتماعية والجسدية والجنسية للرجال على النساء، لماذا تهتم النساء بالرجال؟ يحب الرجال وجود صديقات للحديث عن مشاكلهم، ولكن النساء لا يفضفضن إلا للنساء. النساء حنونات متفهمات مشاركات ومعتنيات، فلم البحث عن الرجال في حياتهن ؟ توقفن عن مرافقة " العدو"، وتحولن إلى نساء أخريات من أجل الحب الجنسي وكذلك من أجل الرفقة الفكرية والدعم العاطفي. أحد مفاهيم النسوية المثلية النظرية هو مفهوم (المثلية المتسلسلة lesbian continuum )، حيث يمكن للمثليات أن يكن مستقلات، وتحدد هوية المرأة بالمرأة. تحول هذه الاستعارة المثليه الحب بين النساء إلى هوية، ومجتمع، وثقافة. ما ترفضه نسويات المثلية هو أن تكون النساء كائنات رغبات الرجال وجنسانيتهم دون الاعتراف بجنسانية المرأة الخاصة. لذلك فهي تطمح إلى لغة جديدة، وصوت جديد و تحتفي بجنسانية النساء وأجسادهن وعلاقة الام والابنة والمجتمع الثقافي للمرأة، وليس فقط العلاقات الجنسية والعاطفية بين النساء. ولابد من التنويه هنا أن الأساس الذي تستند إليه المثلية النسوية هو التقسيم الجندري والجنسي الثنائي، لذلك أزعج الغيريات وثنائيات الجنس هذا التصنيف وقوبل حضورهن والاعتراف بهن بمقاومة في كثير من التجمعات المثلية حتى أصبحن تناقضا وتوترا لم يحل بعد في هذا التوجه النسوي.
نسوية التحليل النفسي.
جاءت نسوية مقاومة للجندر أخرى في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي من إعادة قراءة النسوية لفرويد وانخراط النسويات الفرنسيات مع لاكان وفوكو ودريدا.
تدور نظرية فرويد عن تطور الشخصية حول عقدة أوديب - الانفصال عن الأم. تدعي النسوية النفستحليلية أن مصدر هيمنة الرجال على النساء هو حاجة الرجل اللاوعية لعاطفة النساء وفي الوقت ذاته رفضهن خشية الخصاء. أما خضوع النساء للرجال فبسبب رغباتهن اللاواعية في الترابط العاطفي. هذه الشخصيات الجندرية هي نتائج عقدة أوديب - الفصل عن الأم. ولأن النساء هن الوالدات الأساسيات، فإن الرضع يرتبطون بهن. ومع ذلك، يجب على الأولاد الانفصال عن أمهاتهم والتماهي مع آبائهم من أجل تأسيس ذكوريتهم. يطور الذكور حدود (أنا) قوية وقدرة على العمل المستقل والموضوعية والتفكير العقلاني ويحصلون بالتالي على قيمة أرفع في الثقافة الغربية. وتصبح المرأة(الأم) تهديدا مباشرا لاستقلاليتهم وجنسانيتهم الذكورية. تواصل الفتيات التماهي مع أمهاتهن، وبالتالي يطورن (أنا) بحدود مائعة مما يجعلهن حساسات عاطفيات وودودات. هذه هي الصفات التي تجعلهن أمهات جيدات، ومنفتحات على الاحتياجات العاطفية للرجال. لكن لأن الرجال في حياتهم طوروا شخصيات جعلتهم محميين عاطفيا، تريد النساء إنجاب الأطفال للتواصل معهم. وبالتالي، فإن الجندرة النفسية للأطفال تتكرر باستمرار. ومن أجل تطوير قدرات الرعاية في الرجال، وكسر دورة استنساخ بنى الشخصية الجندرية، توصي نسويات التحليل النفسي بأبوة وأمومة مشتركة - بعد أن يتم تعليم الرجال رعاية الأطفال. تركز النسوية الفرنسية النفستحليلية على الطرق التي من خلالها تعكس وتمثل إنتاجات الثقافة (روايات، دراما، فن، أوبرا، موسيقى، أفلام) اللاوعي الذكوري، وخاصة الخوف من الخصاء. في نظرية التحليل النفسي النسوي الفرنسي، الثقافة البطريركية هي تسامي رغبة الرجال الطفولية المقموعة بالأم والخوف من فقدان الفالوس، رمز الاختلاف الذكوري. وبما أن النساء ليس لديهن فالوس يخسرنه ولا يختلفن عن أمهاتهن، فلا يمكنهن أن يشاركن في خلق الثقافة. رغبة للمرأة في الفالوس والرغبة الجنسية المكبوتة في الآباء تتسامي في الرغبة في إنجاب ابن؛ في حين أن قمع الرجال للرغبة الجنسية في الأم والخوف من خصاء الأب يتسامي إلى إبداعات ثقافية.
ما تمثله النساء في الثقافة الفالوسية هي الرغبة الجنسية والانفعالية التي يجب على الرجال قمعها ليصبحوا مثل آبائهم - الرجال المسيطرون والمسيطر عليهم. بغض النظر عن الدور الذي تلعبه النساء في الإنتاجات الثقافية، فإن نظرة الذكور لهن لن تتعدى كونهن كائنات وموضوعات الرغبة الذكورية.
الإنتاجات الثقافية الفالوسية، حسب التحليل النفسي النسوي، مليئة بالعدوان والمنافسة والهيمنة، مع كراهية مبطنة للنساء وخوف من الخصاء – من أن يصبحوا نساء. ولمقاومة هذه الثقافة ومواجهتها بثقافة تجعل النساء في مركزها، دعت النسوية الفرنسية النساء إلى الكتابة من تجاربهن الذاتية وأجسادهن حول قضاياهن الخاصة - بهذه الطريقة، يمكنهن مقاومة قمعهن من قبل الثقافة الفالوسية المهيمنة. ومع ذلك، فإن حث النساء على إنتاج فن وأدب محوره المرأة يجعلهن أسيرات فئة قاطعة هي الإناث و يؤكد على اختلافهن عن الرجال والثقافة المهيمنة أكثر وأكثر. اُطلق العنان للقوة العاطفية واصبحت واضحة في الإنتاج الثقافي للمرأة، لكنها انفصلت عن ثقافة الرجال التي بقيت مهيمنة.
نسوية الموقف النسوي.
تتلاقى النظريات النسوية الراديكالية والمثلية والنفستحليلية في نسوية الموقف أو وجهة النظرstandpoint feminism، والتي تتحول من المقاومة إلى المواجهة مع مصادر المهيمنة المعرفية والقيمية.
الفكرة الرئيسية المشتركة بين جميع النسويات المقاومات للجندر هي أن وجهات نظر المرأة يجب أن تكون أساسية في المعرفة والثقافة والسياسة، لا غير مرئية أو هامشية. كل من يحدد جداول أعمال البحوث العلمية، وكل من يشكل محتوى التعليم، وكل من يختار الرموز التي تتخلل المنتجات الثقافية، لديه قوة الهيمنة. الهيمنة هي الأيديولوجية التي تشرع افتراضات المجتمع التي لا شك فيها. في المجتمع الغربي، تأتي مبررات العديد من أفكارنا حول النساء والرجال من العلم. نحن نعتقد في "الحقائق" العلمية ونادرا ما نشكك في موضوعيتها. تنتقد نسوية الموقف أو وجهة النظر العلوم والعلوم الاجتماعية السائدة، ومنهجية البحوث النسوية، وتحليل السلطة التي تشكل إنتاج المعرفة. ببساطة تقول (نسوية وجهة النظر) إن "أصوات" النساء مختلفة عن الرجال، ويجب عليهن رفع أصواتهن إذا أردن تحدي قيم الهيمنة.
يمكن القول إن تأثير العالم اليومي في واقعنا التجريبي والهياكل التي تحد وتشكل وتنظم وتخترق الناس، مختلفة في مختلف المواقع الاجتماعية - ولكن بشكل خاص للنساء والرجال، لأن المجتمع منقسم جندريا. الرجال لا يدركون أن المعرفة التي ينتجونها والمفاهيم التي يستخدمونها تخرج من تجربتهم الخاصة. بدلا من ذلك، يدعون أن عملهم العلمي عالمي وعام ومحايد وموضوعي. لكن النساء يعرفن أنه جزئي وخاص وذكوري وذاتي لأنهن يرين العالم من زاوية مختلفة، وقد تم استبعادهن من الكثير من العلوم.
جاءت الأسس النظرية لنسوية وجهة النظر من الماركسية و النظرية النسوية الاشتراكية، التي تطبق مفهوم ماركس عن الوعي الطبقي على النساء، ونظرية التحليل النفسي النسوية، التي تصف جندرة اللاوعي. تقول نسوية وجهة النظر إن النساء بوصفهن من يقمن بانجاب الأطفال بدنيا و تربيتهم اجتماعيا - منالجسد والعواطف والفكر والجهد المادي الخالص – فإنهن يرتكزن على الواقع المادي بطرق تختلف عن الرجال. فالمرأة مسؤولة عن معظم العمل اليومي، حتى لو كانت متعلمة تعليما عاليا، في حين يركز الرجال المتعلمون تعليما عاليا على التجريد والفكر. ولأنهن متصلات بأجسادهن وعواطفهن، فإن رؤية النساء الواعية وغير الواعية للعالم واحدية ومتماسكة. وإذا ما أنتجت النساء المعرفة، فستكون أكثر اتصالا بالعالم اليومي المادي وأكثر ارتباطا مع الناس. وعلى الرغم من أن الرجال يمكنهم بالتأكيد إجراء أبحاث حول النساء، والنساء حول الرجال،  تقول نسوية وجهة النظر، إن الباحثات أكثر حساسية لكيفية رؤية النساء للمشاكل و تحديد الأولويات، وبالتالي سيكن أكثر قدرة على تصميم وإجراء البحوث من وجهة نظر المرأة.
ومع ذلك، لا يكفي إضافة المزيد من النساء إلى فرق البحث أو حتى جعلهن رئيسات مجموعة بحثية - هؤلاء النساء يجب أن يكون لهن موقف ووجهة نظر نسوية. عليهن أن ينتقدن المفاهيم السائدة التي تبرر خطوط السلطة القائمة، ويعترفن أن "الحقائق" تعكس القيم الحالية والتاريخ الماضي. والأهم من ذلك كله، يجب أن يتحيزن لتجارب النساء. لكن هل كل تجارب النساء متشابهة؟ أليست "الحقائق" التي تنتجها وجهة نظر المرأة متحيزة مثل تلك أنتجتها وجهة نظر الرجل؟ اقترحت دونا هاراواي للخروج من المعضلة أن نقر بأن كل المعرفة مموضعة ومنظورية، كما تدعي نسوية الموقف، لكن موضعتها تختلف، وكذلك الحال في كل وجهات النظر. لذلك يجب أن تكون الحقائق جزئية. هذا التنوع قوة، وليس ضعفا، في الحركة النسوية.
وأخيرا، أنتجت النسويات المقاومات للجندر الكثير من الجدل داخل الدوائر النسوية. ركز النقد على ادعاءاتهن أن الاختلافات بين الرجال والنساء جوهرية، وأن الغيرية الجنسية قسرية ويمكن أن تكون عنيفة، وتثمينهن للأمومة، وتعزيزهن لثقافة مستقلة ومميزة للمرأة تركز على الأجسام النسائية والخبرات الحياتية. يشعر العديد من المدافعات عن حقوق المرأة بأن هذه الآراء هي ارتداد إلى المبررات البيولوجية لدونية المرأة، وأن سياسة الفصل بين الجندرين تعزل النساء وتعزل أيضا الرجال المتضامنين معهن لتغيير مجتمعي أوسع. كان المنظور المرتكز على المرأة تصحيحا ضروريًا للـمحايدة العمياء جندريا التي تدعو إلى أن تصبح النساء مثل الرجال – متجهات الى العمل، لا يتحملن مسؤولية رعاية الأطفال، ومتحررات جنسيا؛ حيث انتهين، عندما حاولن  تقليد الرجال، بالعمل في البيت وخارجه (وظيفة بدوام كامل واستمرار المسؤولية عن ادارة المنزل ورعاية الأطفال)، مع شعور بالذنب لإهمالهن أطفالهن (شارك عدد قليل من الرجال في رعاية الأطفال)، وكن عرضة للاغتصاب والأمراض المنقولة جنسيا. ولكن تركيز الناشطات المقاومات للجندر على "المرأة" مزعج أيضا. هل فئة النساء متجانسة بحيث يمكن توقع أن يكون لديها دائما تجارب متماثلة ومنظور وحدوي؟ هل تعمل النسويات المقاومات للجندر على خلق امرأة عالمية هي في الواقع امرأة الطبقة المتوسطة الغربية البيضاء وغيرية الجنس؟ هل هذه المرأة العالمية تقمع أصوات النساء الأخريات ؟ كيف يمكن سماعهن؟ تشعر نسويات الاثنيات والطبقات العاملة أنه يمكن أن يكن "نسويات" دون تقريع الذكور. وتقول النسويات الغيريات أو ثنائيات الجنس أنه يمكن أن يكون لهن علاقات مع الرجال مع الحفاظ على استقلاليتهن وتكرة الليبراليات الدعوة للرقابة على المواد الإباحية. من هذه الانتقادات جاءت مجموعة من النسويات التي تتعامل مع تناقضات النسويات المقاومات للجندر، لا سيما مسائل واحدية فئة المرأة، ونسوية الموقف، ومصدر الهوية في سياسات الهوية، وتعقيدات الجنسانية.


تعليقات

المشاركات الشائعة