التفكيك والتاريخ.


التفكيك والتاريخ.
أماني أبو رحمة.
لا شك أن مفهوم الاختلاف المرجأ(المرجئ) واحد من مفاهيم ما بعد الحداثة المتنوعة عن الزمن والتاريخ التي يمكن استخلاصها من كتابات دريدا، فوكو، دولوز، جيمسون وغيرها ـ وهو حالة اللا قرار المكاني والزماني الذي يخسر فيه المرء , كما يقول دريدا بتكتم، ويكسب في كل منعطف. وفي الاختلاف المرجأ الذي لا نحتاج إلى تكرار الحديث المطول عنه مرة أخرى، يُدرك المكان والزمان بوصفهما مفهومين واضحين في اللغة في حالة شرطية متبادلة منذ لحظة ظهورهما. بمعنى أنك إن سجلت حركة في الزمن فإن ذلك يعني أنك قد خلقت موضعا مكانيا جديدا، وخلق الموضع المكاني الجديد يعني أنك احتجت إلى مزيد من الزمن لفعل ذلك. تتدخل التفكيكية لتعطيل الميل الميتافيزيقي إلى تفضيل واحد على الآخر وبالطبع إلى زعزعة استقرار أي) مصطلح (ism تاريخي يحاول معالجة كتلة منفصلة من الزمن بوصفها " ترتيبا تصنيفيا ثابتا "كما أسماه دريدا. والتأثير الصافي, كما نعلم، هو مفهوم للتاريخ يكون فيه ما بعد تاريخي وتدريجي بصورة جذرية بحيث إن الشيء الوحيد الذي (حدث) حقيقة ـ الحدث الوحيد الحقيقي المتعالي ـ هو تفكيك الخطاب نفسه. حتى إن الإعداد لحرب نووية يتبع نموذج الاختلاف المرجأ حسب السيناريو الدريدي، لأنه مجرد خطاب ـ حتى هذه النقطة، على الأقل، حتى تنفجر القنابل فعلا. ولا يوجد سوى الموت خارج خطاب التفكيك، فإن وجودك داخل هذا الخطاب هو، على العكس، نوع من تصريح الدخول إلى الخلود الثقافي. ولأن هذا الخطاب لا يمكن أبدا أن يلغى بأي شيء أقل من الموت، فإن توظيف أي خطاب آخر قد يأتي بعده سيكون مثل الموتى افتراضًا. والفرق بين خطاب ما بعد حداثي من هذا النوع وكل شيء سواه ليس مجرد مسألة الطريقة التي نوظف بها العلامات لنقل الواقع بطريقة معينة : إنها مسألة موت الفكر أو حياته.


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة